محمد بن جماعة
يقترح عالِم الأديان السكوتلندي نينيان سمارت (Ninian Smart) إطارا نظريا بسبعة أبعاد لدراسة الدين ورؤيته للعالم:
- البعد الأول: العقائدي والفلسفي (Doctrinal and Philosophical dimension): يحتوي الدين على نظام متكامل من المعتقدات. فالإسلام، مثلا، يقوم على الإقرار بوجود إله واحد لا شريك له، وأن محمدا (صلى الله عليه وسلم) عبد الله ورسوله، أرسله للناس كافة بشيرا ونذيرا، وهكذا... وتشكل هذه الإقرارات، في مجموعها، النظامَ الاعتقادي للإسلام حول ذات الله وصفاته، والعلاقة بين الخالق والكون، وبين الخالق وبقية المخلوقات، بما فيها البشر.
- البعد الثاني: القصصي أو الإخباري (Narrative or Mythic dimension): ويشمل القصص ذات الدلالة الدينية، التي تروى كتابةً أو شفويا، للإخبار والاعتبار والإلهام. وقد تكون هذه القصص رمزية أو تحكي وقائع تاريخية سابقة.
- البعد الثالث: الأخلاقي والتشريعي (Ethical and Legal dimension): ويشمل جملة الضوابط والأحكام والأخلاق والتعاليم التي يأتمر بها المؤمن في حياته اليومية.
وتشكل الأبعاد الثلاثة الأولى ما يمكن تسميته بـ"شبكة الاعتقاد" أو "الشبكة الإيمانية". غير أن هذه الشبكة لا يمكن فهمها فهما سليما وكاملا إلا في سياق التجربة والممارسة. فالإيمان بالله ورسوله في الإسلام، مثلا، لا يكفي أن يكون إيمانا نظريا ما لم يصحبه التوقير والمحبة القلبية والرضى، واستحضار وجود الله تعالى ورقابته في حياة الإنسان اليومية، واستشعار نعمه وآلائه.
- البعد الرابع: التطبيقي والشعائري (Practical Ritual dimension):يحتوي الدين على بعد شعائري، يتمثل في الصلوات والطقوس والحركات والهيئات والأنشطة والأدعية والأذكار والأعياد والمواسم التي يتعبد بها المؤمن.
- البعد الخامس: التجريبي والشعوري (Experiential and emotional dimension): ويشمل ردود فعل المؤمن حين يواجه سياقا دينيا يشعر بعمقه، فيتحول إلى بكاء أو خشوع، أو خوف أو رجاء، أو نشاط أو غضب، أو رؤيا أو إشراقة روحية، إلخ.
- البعد السادس: الاجتماعي والمؤسساتي (Social or Institutional dimension): ويمثل الثمرة الاجتماعية والتنظيمية للممارسة الدينية، في علاقة المؤمنين بعضهم ببعض، وفي علاقتهم بغير المؤمنين، وفي علاقة الرجال بالنساء، والأطفال بالكبار، وتوزيع السلطة والوظائف والأدوار.
- البعد السابع: المادي (Material dimension): ويمثل ثمرة لقاء التجربة الدينية مع مظاهر الثقافة الإنسانية، مثل الموسيقى، والفن، والخط، والهندسة المعمارية، واللباس والزينة، والأدوات المستخدمة في أداء الشعائر إلخ.
ولا تشكل هذه الأبعاد أجزاءً من الدين يستقل كل جزء منها بذاته، وإنما هي أبعاد مختلفة حاضرة في نفس الوقت في علاقة تكامل وتأثير متبادل.
ويقترح سمارت دراسة هذه الأبعاد بترتيب عملي متسلسل يختلف عن الترتيب النظري السابق، ولذلك لتسهيل فهم ورسم العلاقات بينها:
1- البعد التجريبي والشعوري (Experiential and emotional dimension)
2- البعد الاجتماعي والمؤسساتي (Social or Institutional dimension)
3- البعد القصصي أو الإخباري (Narrative or Mythic dimension)
4- البعد العقائدي والفلسفي (Doctrinal and Philosophical dimension)
5- البعد التطبيقي والشعائري (Practical Ritual dimension)
6- البعد الأخلاقي والتشريعي (Ethical and Legal dimension)
7- البعد المادي (Material dimension)
فللأفراد تجارب (1)، وهم يجتمعون مع الآخرين (2)، ويحاولون تبادل وفهم تجاربهم من خلال القصص والأخبار (3)، وخطاب عقلاني مقبول (4)، ويسعون لإبراز هذه التجارب والمعتقدات في حياتهم من خلال أداء الأعمال التعبدية (5) والأعمال اليومية العادية (6)، والأدوات والوسائل المادية التي يبتكرونها (7).
ربي يبارك فيك
RépondreEffacer