2010/10/26

الخسارة الكبرى

قال الإمام الذهبي: " رأيت للأشعري كلمةً أعجبتني، وهي ثابتة رواها البيهقي:
سمعت أبا حازم العبدوي، سمعت زاهر بن أحمد السرخسي يقول:
لما قرب أجل أبي الحسن الأشعري في داري ببغداد، دعاني فأتيته، فقال: اشْهَدْْ عَلَيَّ أني لا أكَفِّر أحدا من أهل القبلة، لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد، وإنما هذا اختلاف العبارات.
[قال الذهبي] قلت: وبنحو هذا أدين، وكذا كان شيخنا ابن تيمية أواخر أيامه يقول: أنا لا أكفر أحدا من الأمة، ويقول: قال النبي (ص): "لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن" فمن لازم الصلوات بوضوء فهو مسلم "

ذكره الحاكم في المستدرك على الصحيحين 2/234 والبيهقي في السنن الكبرى 10/58


فانظر كيف أن رجالا قضوا أعمارهم في مناقشة مقولات الناس وعقائدهم، رجعوا في النهاية إلى منهج البساطة النبوي: "لا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن"، فأراحوا أنفسهم وغيرهم.

إنها خسارة كبرى أن يفني الإنسان عمره في معارك، ثم يتوصل في أواخر أيامه إلى أنها لم تكن سوى "اختلاف عبارات".

والخسارة الأكبر من ذلك أن يكون قطاع عريض من المجتمع هو الذي يضيع أعماره في ذلك، ولا ينتبه إلى المتاهات التي وضع نفسه فيها.

ولا حل لذلك سوى الرجوع إلى منهج البساطة، والبعد عن التكلف، والاكتفاء من العقائد بالجمل، والتوجه إلى العمل.

Aucun commentaire:

Publier un commentaire