أنا إنسان يخطئ ويصيب، ولستُ شخصا كاملا.. لستُ صديقا مثاليا، ولا أخا مثاليا، ولا زوجا مثاليا، ولا أبا مثاليا، ولا زميلا مثاليا، ولا مواطنا مثاليا، ولا متدينا مثاليا..
ولكنني أمتلك عقلا يقظا ومنتبها، لا يتركني أسقط في الغفلة لفترة طويلة..
أمتلك عقلا مُرهِقا، مهووسا بحب التعلم والاكتشاف والمقارنة، والبحث عن الحقيقة، واكتشاف الخطأ والصواب، والبحث عن الأفضل، والاستفادة من التجارب..
كل يوم في حياتي هو فرصة جديدة لي للتعلم وتطوير القدرات والمهارات، والممارسة والاستفادة، وتبادل الخبرات..
لا أنظر لنفسي على أنني الأفضل، ولا يدّعي ذلك إلا أحمق.. ولكنني أمتلك تقديرا عاليا للذات، في غير غرور.. ولا أحب تغليف تقديري للذات بتواضع كاذب ("وَأَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ").. ولست ممن يحتقرون الذات بالمقولات التراثية المغلوطة التي تحض على خنق أي تقدير للذات، مثل (أُحِبُّ الصالحينَ ولستُ منهم).. بل أرى نفسي من جملة آلاف الصالحين، حتى وإن كانت لدي أخطاء وعيوب..
تقدير الذات واحترام الذات وحب الذات، أهم أداة نفسية في حياة الفرد.. واستهداف تقدير الفرد لنفسه من قبل الفرد نفسه أو من قبل الآخرين هو مظهر من مظاهر الشرّ..
ولذلك فأنا أحمي نفسي من الوقوع تحت تأثير احتقار الذات أو الانتقاص من الذات ("لاَ يُحَقِّرَنَّ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ").. وأحمي نفسي من الوقوع تحت تأثير انتقاص الآخرين من قدري ("بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ").. وما أحبه لنفسي أحبه لغيري أيضا، وأحرص على ذلك قدر المستطاع..
وبالنسبة إلي، الإنسان اجتماعي بالفطرة، وبالتالي فلا معنى لحياة أي إنسان بدون تعاون مع الآخرين.. وأعتقد أن الحاجة الأساسية للفرد، من بين جميع الحاجات، إنما هي الانتماء لـ"جماعة" والشعور بالقيمة والأهمية والتقدير والاحترام والحب في الجماعة التي ينتمي إليها.. والجماعة المقصودة ليست واحدة بل هي جماعات متنوعة ومتعددة..
هذه الحاجة للشعور بالقيمة والأهمية والتقدير والاحترام والحب داخل الجماعة، مسألةٌ حياتية وشرط من شروط النمو الجسمي والعقلي والروحي للفرد، لا يمكن له أن يعيش بدونها.. وهو يتغذى بها من خلال الارتباط بالأم، ثم بالوالدين، ثم بالأسرة، والأقارب، والجيران، والأصدقاء، والزملاء، والمدرسة، والنادي، وعلاقة الحب والزواج، والجمعية، والجماعة، والتنظيم، والحزب، والعمل، إلى غير ذلك من دوائر الاجتماع والانتماء..
وبالتالي، فأي إنسان، مهما كانت مكانتُه أو مكانُه في الجماعة أو المجتمع، ويتطلع إلى وجود معنى لحياته، لن يجد المعنى السليم لهذه الحياة إلا من خلال المساهمة إيجابيا في حياة الآخرين.. وهو يرتكب خطأ شنيعا إذا ما اعتقد أن بالإمكان أن يجد هذا المعنى بمنآى عن الآخرين.
فمعنى الحياة بالنسبة إلي هو: أن أستمر في شغفي واهتمامي بالناس ومصالحهم، لأنني جزء لا يتجزأ من المجتمع، ومساهمتي مهمة وضرورية لتحقيق رخاء الجماعة أو المجتمع، كما أن مساهمة الجماعة أو المجتمع مهمة وضرورية في تحقيق رخائي وتوازني الشخصي.
Aucun commentaire:
Publier un commentaire