2010/08/22

خطب الجمعة: مسئولية الجودة وقياس الأداء (3/7)

3- الأخطاء العشرة في خطب الجمعة

يشكل واقع خطب الجمعة في العالم الإسلامي عموما، وفي جالياتنا المسلمة في الغرب خصوصا، صورةً مضطربةً تحتاج إلى كثير من المقومات السليمة.. فالمساجد تتزايد باستمرار، وتتزايد معها المنابر الإسلامية. لكن هذه المنابر لا تستثمر الاستثمار الكافي، والخطباء الذين يتحدثون من خلالها أكثرهم ليسوا على مستوى الخطابة بمعناها الصحيح، بل قد تجد فيهم من لا يدرك معنى الخطابة كفنّ من فنون الإعلام والدعاية. ولذلك، تكثر الأخطاء في أداء الخطباء وتتكرر.

وفي ما يلي عرض سريع لأهم عشرة أخطاء يقع فيها الخطباء:

1. الارتجال بلا كفاءة:
2. عدم التوازن في طرح المواضيع:
3. غياب قواعد التفكير السليم في الطرح
4. التكرار والرتابة في المواضيع
5. المبالغة في الانفعال العاطفي والحماس
6. عدم التناسق بين انفعالات الخطيب وموضوع الخطبة
7. عدم مراعاة جمهور الخطبة
8. عدم مراعاة التائبين والمهتدين الجدد
9. استهلاك الخطبة في القضايا الخلافية والحزبية
10. الإطالة

1. الارتجال بلا كفاءة:

يحتاج الارتجال إلى موهبةٍ خاصة ومرانٍ طويل، وخلفيةٍ ثقافية واسعة تسعف صاحبها في الوقت المناسب، وتمدّه دائماً بما يريد قوله وتوضيحه. ومع ذلك، فحتى الخطيب البارع قد يقع في ارتباك أثناء خطبته عندما تخونه الذاكرة فتضنّ عليه بشاهدٍ أو تعبيرٍ دقيق للمعنى الذي يريد أن يوصله إلى الجمهور.

غير أن بعض الخطباء يظن الأمر أسهل من هذا، وأن حصيلته الثقافية المتواضعة تكفيه، وأن جرأته الأدبية وقدرته على مواجهة الجمهور تعوّضه عن دقيق التعبير وعميق المعنى، فيعتلي المنبر ليقدم خطبة يتحدث فيها عن أفكار واستشهادات لا تمت لبعضها بصلة، متوهما أنه طالما لم يتلعثم ولم يرتبك، فقد أدى المطلوب. وهذا خطأ، لأن الجرأة الأدبية والقدرة على مواجهة الجمهور -كعامل إضافي ومساعد في شد الانتباه والتأثير- قد تفقد قيمتها إن لم تتوفر الشروط الأخرى للخطبة الناجحة.

ولذلك، فليس منتقِصا من قيمة الخطيب أن يمسك بورقةٍ صغيرة يكون قد رتّب فيها أفكاره، أو ورقةٍ كبيرة صاغ عليها خطبته ليقدّم خطبة مترابطة مؤثرة، بدلاً من إهدار منبر الجمعة في الارتجال العشوائي دون كفاءة أو ثقافة كافية.

2. عدم التوازن في طرح المواضيع:

فكثير من الخطباء لا ينهجون في خطبهم منهجا متوازنا شاملا، يعرضون من خلاله مختلف الأفكار والمعاني التي يحتاج المسلمون في المدينة للإلمام بها، بهدف تكوين وعي إسلامي مشترك ورأي عام موحد تجاه القضايا والأحداث والأولويات، بل يقعون، على العكس من ذلك، أسرى لبضعة مواضيع قد تكون هامة وقد لا تكون، مما يحدث الملل لدى الجمهور الذي يعاني من الخطب التي لا جديد فيها. وهناك من الخطباء من يهمل في موضوعاته أحداث الساعة التي تمسّ واقع المسلمين ووجودهم وهمومهم، فلا يجد الحاضرون في الخطبة متنفساً لمشاعرهم العارمة وآلامهم الغائرة، مما يؤثر سلبيا على تفاعلهم معها.

3. غياب قواعد التفكير السليم في الطرح

فمن المعلوم أن العقل يمثل الأداة الوحيدة لهضم الأفكار والمعاني. ورغم ذلك، فكثير من الخطباء لا يحترمون عقول مستمعيهم، ولا يبنون أفكارهم واستنتاجاتهم على أسس منطقية مقنعة، ويسعون بدلا من ذلك لشحن الجمهور عاطفياً بدون إقناعهم بشكل منطقي واضح ونزيه، متجاهلين كون العاطفة عاملا متغيرا يتأثر بالظروف المحيطة، وينتهي مفعوله بعد حين، في حين أن الإقناع المنطقي هو العامل الثابت لكونه يستمد ثباته من الحقائق التي لا تتغير بتغيير الزمان والمكان.

4. التكرار والرتابة في المواضيع

من الخطباء من يلقي خطباً مكررة، ويطرق مواضيع محددة، ولو غبت عنه سنوات طويلة، وعدت إليه لوجدته يتكلم في نفس المواضيع، ويستعمل الأمثلة والتشبيهات نفسها التي استعملها في المرة الأولى. ومنهم من يعتلي المنبر ليقرأ خطبا نسخها من مواقع الإنترنت، فتجده كالقارئ يتلو صفحة من كتاب.

5. المبالغة في الانفعال العاطفي والحماس

فالخطباء المتحمسون يبالغون في حماسهم، وينفعلون عندما لا يطلب الانفعال، ويعتقدون أن الخطابة هي شحن الجمهور بشحنات الحماس، فيحرّكون شعور المستمع ولا يبلغون عقله.. والحقيقة أن الحماس وسيلة وليس غاية، وأن المشاعر تأتي وتذهب، بينما الأفكار هي الأبقى ما دامت تجد مكانها في العقل السليم.

6. عدم التناسق بين انفعالات الخطيب وموضوع الخطبة

فإذا جاز القول إن الخطبة هي فنّ نقل الكلمة إلى المستمع بحرارتها، وإيصالها إليه حيّةً مفعمةً بالعاطفة المناسبة، فهذا لا يعني افتعال الحماس، والصراخ أمام مكبر الصوت، كما يفعل عدد من الخطباء بلا مبرر. وقد يكون الموضوع المطروح لا يحتاج إلى هذا الانفعال كلّه، مما يشعر المستمع بالافتعال في الانفعال فلا تستقبل نفسه المعنى المطروح الاستقبال المناسب، بل قد ترفضه في بعض الأحيان. ونفس الشيء يقال أيضا عن الخطباء الذين لا يعطون المعاني حقّها من الانفعال، فيلقونها ببرود شديد يعوق نفاذَها إلى أعماق المستمع وأحاسيسه.

7. عدم مراعاة جمهور الخطبة

فعملية الخطبة عملية ثنائية يشترك فيها الخطيب والجمهور. والجمهور عنصر مهم، وقد يكون الأهم في هذه العملية، فإذا لم يتأثر بالخطبة وجدانيا وفكرياً، لم تحقق الغاية المرجوة منها. وكثير من الخطباء لا يملكون معرفة دقيقة بأنماط الناس الذين يرتادون مسجده، ليقوموا باختيار الموضوع المناسب واللغة المناسبة.

8. عدم مراعاة التائبين والمهتدين الجدد

فالمسجد يستقبل دوريا أفواجاً من التائبين الذين استيقظت في نفوسهم بذور الإيمان، وصحا في وجدانهم الانتماء للإسلام. وأول ما يفكر فيه هؤلاء لإرواء شوقهم إلى التدين هو المواظبة على خطبة الجمعة. لكن عدداً من الخطباء لا ينتبهون لهذه الظاهرة، ولا يراعون في خطبهم هذه الشريحة من الرواد التي تتميز نتيجة حداثة عهدها بالإسلام، بكونها شديدة الحساسية وسرعة التأثر، وقد وقد تنفّرها السلبياتُ التي تحدثها خطبة الجمعة. ولذلك فقد تؤدي الإطالة في غير موضعها، أو عدم الموضوعية في الطرح، أو الانفعال المفتعل، أو الخوض في الخلافيات والقضايا الحزبية، إلى توليد مشاعر نفور وخيبة أمل في المرجو من خطب الجمعة، مما يؤدي إلى ابتعادها مرة أخرى عن المسجد.

9. استهلاك الخطبة في القضايا الخلافية والحزبية

فبعض الخطباء يصّرون على نقل خلافاتهم المذهبية والفقهية والفكرية والحزبية، بل والشخصية أحياناً، إلى المنابر ليشغلوا الحاضرين بقضايا هامشية، أو شكلية، أو اجتهادية، أو شخصية، وليزرعوا في نفوسهم الإحباط واليأس من الواقع الإسلامي المتدهور بسبب خلافات المسلميين.

10. الإطالة

فبعض الخطباء يطيل دون أن يستحق الموضوع المطروق الإطالة، مما يورث الناس الملل والضجر.. والأصل في حضور خطبة الجمعة أنه عبادة، لذلك يجب أن تكون النفوس بعيدة عن أي أثر سلبي.. والنفوس بطبيعتها البشرية تتفاوت في القدرة على التحمل والاستيعاب، لذلك ينبغي على الخطيب أن يكون واقعياً في تعامله مع جمهوره.


المرجع:
د: محمد عماد محمد – بحث بعنوان "خطبة الجمعة في العالم الإسلامي: ملاحظات لا بُدّ منها"، من كتاب "مقالات في الدعوة والإعلام الإسلامي" سلسلة كتاب الأمة، العدد 28

2010/08/21

خطب الجمعة: مسئولية الجودة وقياس الأداء (2/7)

2- مدخل: وظيفة خطبة الجمعة

لخطبة الجمعة دور هام وأثر عميق في تشكيل فكر المسلم وسلوكه، خاصة وأن حضورها فرضُ عين. فهي مصدر طاقة فكرية وعاطفية بعيدة المدى، ومعانيها تنساب إلى النفوس في لحظاتٍ يفترض فيها أن تكون مناسَبةً للانعطاف إلى الله وتقبّل وصاياه، وتعميق الشعور بالانتماء إلى جماعة المسلمين، والتركيز على ما يوحّدهم ويبصّرهم بأولوياتهم وهمومهم المشتركة.. ولذلك، فخطبة الجمعة تساهم بنصيب وافر في تثقيف المسلمين وتوجيههم وتشكيل عقليتهم الجماعية.

غير أن الدور التربوي والإعلامي لمنبر الجمعة تراجع لأسباب عديدة ومتنوعة، حتى أصبح البعض يحضر لخطبة الجمعة إما مكرها، وإما لأداء واجب لا غير، بدون أن يتوقع أن تحرك فيه المواضيع ساكنا أو تغير من واقعه نحو الأفضل الذي يبتغيه الإسلام.. ففي بعض الأحيان يأتي المسلم إلى المسجد يوم الجمعة، كضرب من الروتين والعادة، نتيجة فقدان خطبة الجمعة لروحها ومهمتها ورسالتها.. يحضر فيستمع ثم ينصرف، غير مكترث لما قيل، ولا منتفع بما قيل.. ولعل الغالبية معذورة في كثير من الأحيان.. فكثيرا ما تكون المواضيع متكررة، ومملة، ولا تحرّك العواطف والعقول، ولا تنبّه الأحاسيس. وكثيرا ما تكون الخطب سطحية ومرتجلة، وتركّز على الجزئيات..

كثيرون يحكمون هكذا على ما يستمعون إليه في خطب الجمعة.. ولا شك في أن هذا الانطباع السلبي له ما يبرره في بعض الأحيان، وإن اختلفت المبررات والمنطلقات.. وعموما فإن هذا الانطباع السلبي يعود إما إلى الخطيب وثقافته الشرعية والعلمية، أو أيضا إلى المستمع وثقافته الشرعية والعلمية.. غير أننا جميعا نحتاج إلى تجاوز السلبيات الموجودة كي يعود لخطبة الجمعة أثرها وقيمتها في في حياتنا وسلوكياتنا اليومية..

فصلاة الجمعة شعيرة دينية مفروضة، هدفها: ((تشكيل وعي مشترك ورأي عام موحد حول القضايا والأحداث والأولويات، من أجل بناء مجتمع الخير، مجتمعٍ متعاونٍ، مجتمعٍ نشيطٍ وفاعل، ومن خلال تجميع الغني والفقير، والرجل والمرأة، والكبير والصغير، والمثقف والبسيط، وتوعيتهم بالتوجيهات القرآنية والنبوية التي تحث على التوازن في الحياة بالإسلام، ومن أجل الإسلام، على ضوء المقاصد الثلاثة الكبرى: (التوحيد والتزكية والعمران)، أي:

- توحيد الله عز وجل على أساس أنه خالق الكون والإنسان والحياة،
- وتزكية الفرد والجماعة وحمايتهما من مرضي (الطغيان) و(الاستضعاف) بما يعني تطوير القدرات وتهذيب الأخلاق وتصويب السلوك والقيام بالأعمال الصالحة النافعة،
- من أجل عمران الأرض في أي مجال من مجالات العمران، وهو ثمرة التزكية القائمة على التوحيد)).

تلك هي رسالة خطبة الجمعة ووظيفتها.

2010/08/20

خطب الجمعة: مسئولية الجودة وقياس الأداء (1/7)

خلافا للمعتاد، أثيرت منذ فترة مشكلة جودة خطب الجمعة بحدّة ووضوح في بعض المساجد الكندية، بعد أن كان الأمر من المواضيع المسكوت عنها، أو "التابو الديني" (Tabou religieux) بسبب التهيّب من السياق التعبدي، وخشية الفتنة، ونظرا للدور الديني الرمزي الذي يتمتع به الخطيب، بما يضفي عليه درجة من الحصانة تمنع من توجيه النقد له.

ففي السابق، كان النقد الموجه لخطب الجمعة، في المرات النادرة التي تم فيها توجيه النقد المباشر لخطباء الجمعة، يكتفي بالتعبير عن الضيق بسبب طول الخطب وتجاوز الوقت المخصص لها، خصوصا في المساجد التي يرتادها الموظفون، في واقعٍ كندي لا يشكّل فيه يوم الجمعة يومَ إجازة، مما يضطر بعض المصلّين إلى التأخير في العودة إلى عملهم.. أما بقية أنواع النقد، فكان غالبا ما يتم كظمها في حينه، تجنّبًا لردود الفعل التي لم تتعود على ذلك.. ويلجأ البعض، تنفيسًا عن هذا الضيق وفي غياب الجرأة على إعلانه، لطرح النقد في سياق التندر أو في إطار المسامرات الخاصة بين الأصدقاء.

ويبدو أن النقد العلني المفاجئ الذي صدر في الفترة الأخيرة أحدث ما يشبه الصدمة، نظرا لصدوره في أحد المساجد بمدينة أوتاوا-جاتينو أمام الملأ، قبيل انتهاء الخطيب من خطبته، حين طلب أحد المصلّين، بصوت مرتفع، من الخطيب أن يوجز في خطبته، مما أحدث مفاجأة لعدد كبير من مرتادي المسجد، وجعل البعض يصف الحدث بأنه "فتنة" ما كان يجوز ارتكابها، لما في ذلك من إساءة وإحراج للخطيب، وعدم تقدير لهيبة المسجد ووقاره، وتجاوز لإدارة المسجد.

وبصرف النظر عن صوابية الفعل في حد ذاته (أي: موقف المطالبة العلنية للخطيب بالإيجاز، أثناء إلقائه لخطبة الجمعة)، -والتي يمكن الاختلاف حولها وحول أفضلية كظم المصلّي لغيظه ثم التوجه للخطيب بعد الصلاة لتوجيه العتاب إليه (1)-، بصرف النظر عن هذا الأمر، يبدو من الضروري أن نستفيد من هذه الحادثة لطرح موضوع "جودة الخطب الجمعية وقياس أداء الخطباء" بشكل أكثر جدية، عوض اعتماد أسلوب النعامة التي تدس رأسها في الأرض خشية مواجهة ما يضايقها أو يحرجها.

وإذا اتفقنا على أهمية تجنب ما قد يحدث الفتنة في المسجد، فإن من العدل تجاه الآخر والصدق مع الذات أن نتفق على تحديد المسئوليات عن احتمالات الفتنة، ومن الفاتن والمفتون: هل الفاتن هو المصلّي الذي يعبّر عن ضيقه؟ أم الخطيب الذي أخطأ في أدائه؟ أم إدارة المسجد التي لم تتخذ إجراءات لضمان الأداء الجيد للخطباء؟

ولذلك فإن أول ما يستدعيه الطرح الجدي لجودة خطب الجمعة هو تحديد المسئوليات بوضوح، حتى لا يتكرر ما حدث، بعيدا عن الشخصنة وتصوير الأمر على أنه اختلاف أذواق وتنافر طباع.

وفي هذا الإطار، تأتي هذه السلسلة من المقالات التي تقترح إطارا عمليا لتطوير أداء خطبة الجمعة في سياق الجاليات المسلمة في الغرب، والاستفادة منها في بناء جالية مسلمة متماسكة وقوية وفاعلة. وسنتعرض في هذه السلسلة، بإذن الله، للنقاط التالية:

1- مدخل: وظيفة خطبة الجمعة
2- الأخطاء العشرة في خطب الجمعة
3- ما المقصود بجودة خطبة الجمعة؟
4- كيف نقيس الأداء في خطبة الجمعة؟
5- معايير الخطبة الجيدة
6- تحديد المسئوليات: الخطيب / إدارة المسجد / جمهور المصلّين

محمد بن جماعة
(يتبع...)

الهامش:
1- مبدأ الاعتراض على الخطيب بأي وجه من الوجوه ليس ممنوعا، من الناحية الفقهية، ولا يمثل "فتنة" في كل الحالات. فيجوز الردّ على الخطيب ما لم يؤدِّ ذلك إلى حدوث فتنة أو منكر أشدّ في المسجد، فحينئذ يؤجّل الإنكار إلى ما بعد الخطبة فيقوم ويبيّن.. وإذا قال الخطيب كلاما باطلا لم يجب الإنصات له.. وقد ثبت أنّ بعض الصحابة، في عهد معاوية، كانوا يتكلمون عندما كان الحجّاج الظالم يلعن علي بن أبي طالب على المنبر ويقولون: "إِنَّا لَمْ نُؤْمَرْ أَنْ نُنْصِتَ لِهَذَا".. وليس هناك مانع من تصحيح خطأ أو وضعٍ وقع فيه الخطيب أو مطالبة بالإيجاز، سواء أكان ذلك بالكلام أو التصفيق أو غيرهما، بشرط ألا يترتب عليه لغط أو تشويش يتنافى مع جلال الموقف، فإن استجاب فبها، وإلا فلا يجوز الإلحاح فى التنبيه فقد يكون لذلك رد فعل سيّء بأي وجه.

وقد اختلفت المذاهب الفقهية في تقدير حكم الكلام أثناء الخطبة:
- فكرّه أبو حنيفة الكلام كراهةَ تحريمٍ، من وقت خروج الإمام من خلوته حتى يفرغ من الخُطبة، وقال: "لا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ حَصَلَ مِنْهُ لَغْوٌ بِذِكْرِ الظَّلَمَةِ".
- بينما أجاز المالكية ذلك إن حصل من الخطيب ما لا يجوز، كمَدحِ من لا يستحق المدح، وذمِّ مَنْ لا يجوز ذَمه.
- أما الحنابلة فقد حرّموا أيَّ كلام حتى لو كان الخطيب غير عَدلٍ. ويأتي رأيهم الفقهي هذا متسقا مع مبدئهم العام في مفهوم طاعة ولي الأمر، وطاعة الإمام، وعدم الرد عليه أمام الملأ، ومبدأ النصح في السر، واعتبار أي معارضة علنية مدعاةً للفتنة.
وإذا نظرنا إلى واقع السيرة النبوية وتاريخ الصحابة، فسنعثر على كثير من الشواهد على جواز اعتراض المصلّين على الخطيب:
- فقد اعترضت امرأة على عمر بن الخطاب في إحدى خطبه وهو ينهى عن المغالاة في المهور..
- وفي خطبة أخرى، اعترض سلمان الفارسي على عمر بن الخطاب قائلا: "وَاللَّهِ لاَ سَمِعْنَا قَوْلَكَ وَلاَ أَطَعْنَا أَمْرَكَ"، عندما قال لهم: "اسْمَعُوا قَوْلِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي"..
- وصحَّ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقطع خُطْبَته إذا وُجِّه إليه سؤالٌ من أحد الحاضرين، فيجيبه إلى خُطْبته فيتمها.. ففي الحديث المتفق عليه أن رجلاً طلب منه وهو يخطب الجمعة أن يدعو الله ليُنزل عليهم المطر، فقطع النبي (صلى الله عليه وسلم) موضع خطبته، ودعا، فنزل المطرُ مِدْرَارًا واستمر أسبوعًا.. فجاء رجل في الجمعة المُقْبِلة وسأله وهو يخْطُب الجمعة أن يدعو الله ليُمسك المطرَ حِفاظًا على الأموال من التلف، فدعا قائلاً: اللهُمَّ حَوالَيْنَا ولا عَلَيْنَا.. يقول الشوكاني: "فِي الْحَدِيثُ: جَوَازُ مُكَالَمَةِ الْخَطِيبِ حَالَ الْخُطْبَةِ"..
- وصحَّ أيضا أن عمر بن الخطاب اعترض على تَأَخُّر بعض الحاضرين إلى الجمعة (رواه مسلم، ج 6 ص 130 وما بعدها)..
- إلى غير ذلك من الحوادث...

ومن هنا لا نجد مانعًا من تصحيح خطأ حَدَثَ من الخطيب، في آية أو حديث أو موقف، أو إذا أطال الخطيب خطبته، إذا كان الْمُصَحِّح واثقًا من ذلك، على أن يكون بأسلوب حكيم لا يُحْدِثُ لَغَطًا وَلا تَشْويشًا، وأن يَغْلِب عَلَى الظَّن أن الخطيب يسمع ويستجيب. فإن لم يَسْتَجِبْ فَلا يَجوز الإلحاح في التصحيح، فلعله لم يسمع، وقد يكون فيه ردُّ فعل سَيء بأي وجه يكون (انظر فتاوى الشيخ عطية صقر: موسوعة فتاوى الأزهر (9/65) مايو 1997).

2010/08/13

La critique est un moyen essentiel pour améliorer notre condition communautaire

Un des sujets qui reviennent souvent dans nos rencontres familiales et sociales, est la critique de certains comportements dans notre communauté, et la critique de ce qui se passe dans nos activités communautaires.

Certaines de ces critiques s'adressent aux bénévoles et aux responsables de la commuanuté, mais d'autres s'adressent aux familles, qui assistent aux activités. certaines de ces critiques s'adressent spécifiquement aux soeurs, d'autres aux hommes, ou encore aux enfants. Bref, on ne manque pas d'observation sur les choses qui peuvent être amliorée dans notre vie communautaire.

Ainsi, parmi les sujets qui reviennent toujours à l'esprit :
- le problème de la garderie dans nos soupers communautaires.
- le bruit et le manque de respect aux conférenciers dans un souper ou une soirée de levée de fonds (on accuse surtout les soeurs qui trouvent ce genre d'évènement une occasion pour socialiser).
- le manque de propreté, parfois, dans la salle communautaire après les activités
- etc...

Cela prouve que nous avons tous une capacité d'analyser et d'observer les bonnes choses et les dysfonctionnements dans nos pratiques.

Toutefois, il semble que lorsqu'on on pointer du doigt un problème particulier ou une personne en particulier pour corriger l'erreur, on se heurte souvent par une réaction négativer qui ne supporte pas la critique.

Si nous voulons améliorer notre condition collective, alors nous devons admettre que ce processus passe par 3 phases et six étapes fondamentales:

1- Observer:
1.1· Analyser l’existant
1.2· Critiquer l’existant
2- Comprendre:
2.1. Réaliser le diagnostic
2.2. Elaborer et choisir des solutions
3- Agir:
3.1. Mettre en œuvre
3.2. Suivre et ajuster


Nous devons aussi amdettre que ce processus de 6 étapes est cyclique, c'est-à-dire, qu'une fois nous avons atteint la phase 3 (Agir), il nous faut retourner à la phase 1 pour observer de nouveau... En effet, le processus d'amélioration est continu et d'une façon infinie.

Ces étapes sont la base de tout développement organisationnel, et ça fait partie d'une démarche méthodologique connues dans tous les domaines. Même dans la vie des communautés, comme la nôtre, cette démarche est la seule qui nous permet le développement de notre situation.

On ne peut pas améliorer notre condition communautaire si on n'accepte pas de fournir ensemble l'effort nécessaire pour :

1- identifier nos problèmes et nos erreurs,
2- d’en cerner les causes
3- et de mettre en œuvre les solutions les plus aptes à les faire disparaître en s’appuyant sur des méthodes et des outils appropriés.

Ce que je fais dans cette série de critiques communautaires, même s'il semble parfois s'intéresser à des détails, ou même s'il semble non structuré, il est en fait un appel à la réflexion collective, et je le fais d'une manière consciente et réfléchie.

Je vous appelle tous à vous impliquer dans cette réflexion, car c'est notre seul moyen de s'améliorer.

J'aimerais appeler tous les frères et toutes les soeurs qui ont des remarques à faire sur notre vie communautaire, d'avoir le courage mais aussi la sagesse de le dire pour que nous puissions se sentir solidaires.

2010/08/12

النقد.. وسوء الظن

قيل قديماً: "سُوءُ الظَّنِّ بِالنَّاسِ مِنَ الفِطَنِ".. وهذه المقولة تخالف القاعدة القانونية الشهيرة: "كُلُّ مُتَّهَمٍ بَرِيءٌ حَتَّى تَثْبُتَ إِدَانَتُهُ".

وفي جاليتنا المسلمة، عندما نتوجه بالنقد إلى أداء الإخوة المسئولين في إدارة شئون الجالية بشكل مباشر، سواء بشكل فردي أو بشكل جماعي، فإن القاعدة التي يفترض الالتزام بها هي هذه القاعدة القانونية..

ولكن، يبدو أننا نحن المسلمين، أصبح من عادتنا، وللأسف الشديد، حين نسمع نقدا موجها لبعض مظاهر الخلل في أداء بعض المهام الخاصة بالجالية، أن يبادر الذهن سريعا بالقول: إن لهذا الناقد (غرضا مّا) من وراء نقده..

وعوض الاهتمام بصلب الكلام الذي يحتويه هذا النقد، يتوجه الاهتمام إلى النوايا من وراءه.. فتبدأ الاتهامات في الكواليس، والأحاديث الجانبية عن الناقد: فمن اتهام بالجهل.. إلى اتهام بعدم الاطلاع على حقيقة الأمور.. إلى اتهام بالمزاجية.. إلى اتهام بالنكايات الشخصية، أو الحسد والغيرة، أو الرغبة في الحط من الآخرين لاكتساب المكانة.. إلى اتهام بالسعي لتحقيق مطامع شخصية.. إلى اتهام بالغرور والعجب بالنفس، والتمركز حول الذات...

هي قائمة من الاتهامات التي تبدأ ولا تنتهي...!‏

ولكن.. لِمَ لا يتوجه التفكير نحو الاتجاه الآخر، بأن يتساءل القارئ، أو الشخص المعني بالنقد:

- ماذا لو كان هذا النقد صحيحاً؟

- ماذا لو كان هذا النقد بلا نوايا سيئة أو مغرضة؟

- ماذا لو كان هذا النقد يهدف فقط للاصلاح، حتى وإن خانته العبارة؟

بعبارة أخرى: لماذا لا نُعْمِل هذه القاعدة القانونية التي تقول: "الْمُتَّهَمُ بَرِيءٌ حَتَّى تَثْبُتَ إِدَانَتُهُ"؟

أليس هذا أساسًا من أسس الأخوة الإسلامية التي أسسها النبي صلى الله عليه وسلم؟

لماذا لا نستطيع ترك الظن جانبا، حين يتوجه إلينا النقد، حتى لو كان شديدا، فنتعامل مع هذا النقد بمحتواه، لا بنواياه؟

ألا يمكن أن نقبل النقد على أساس أنه تعبير عن عدم الرضى بما هو موجود، وتنبيه على الأخطاء القائمة، حتى يتحسن الأداء، ونصل جميعا إلى مرتبة الإحسان والإتقان؟

ولنفترض جدلا أن الناقد له نوايا سيئة ومغرضة من النقد، أفلا يكون من الحكمة أن ننظر في كلامه ونأخذ منه ما يصلح من شأننا، حتى لو كان في كلامه بعض العبارات الخاطئة أو الجارحة؟

لماذا نستحضر في وقت الرخاء قول السلف: "رَحِمَ اللَّهُ مَنْ أَهْدَى إِلَيَّ عُيُوبِي"، وقول عمر بن الخطاب: "لاَ خَيْرَ فِيكُمْ إِنْ لَمْ تَقُولُوهًا، وَلاَ خَيْرَ فِينَا إِنْ لَمْ نَسْمَعْهَا".. أما حين يصدر النقد حقا (في وقت الشدة)، فترى ردات الفعل ممن يتعرضون للنقد مظهِرةً لمدى تضايقه، وحرجهم؟

وعلى كل، فمن منطلق تجربتي الشخصية مع كثير من الأصدقاء، يستوي فيهم المقربون وغير المقربين، لا يوجد حل يرضي جميع الأطراف.. ولذلك، فسيبقى سوء الظن قائماً، ونزعة لا يمكن تجنبها..

ولكنني واثق تمام الثقة، بأن الأيام ستساعد، ولو بعد حين، في توضيح النوايا، وصدق النقد، وصوابية الآراء والمواقف.. وسيتبين للجميع كم يحمل الناقد من حب عميق، وحرص شديد على من ينقدهم.. وسيعلم حينها من يتعرضون للنقد: أن "الصديق الحقيقي هو: مَنْ يَصْدُقُكَ، لاَ مَنْ يُصَدِّقُكَ".

وإذا كان الجميع أحياء في ذلك الحين، فستكون فرصة لهم للتغافر والتراحم.. وإن عاجلت المنية أحدهم، فسيكون لهم موعد أمام الله للتصافي.. وحينها سينزع رب العزة ما في قلوبهم من غل، ويجلسهم إخوانا على سرر متقابلين..